
قصة أصحاب الكهف:
وهي قصة فتية آمنوا بالله، فثبتهم وزادهم هدى، وألهمهم تقواهم.
ورد ذكرها في سورة الكهف، الآيات 9-26
كان يوجد قَرية، ضَلّ مَلِكُها وأهلُها عن الهدى واتخذوا لأنفُسهم مِن دُون الله آلِهَةً أخرى، وكانوا يدافعون عنها ويؤذون كل من يكفر بها في هذا المجتمع الفاسد، وُجِد شباب عقلاء، آمنوا أنْ لا إله إلا الله.
فأنكروا على قومهم الشِّرك، وطالبوهم بالحُجَّة على إلهيّة غير الله، وكما هي عَادة الضالين: تَسَلَّط أصْحابُ القَرْية على هؤلاء الشباب المُؤمنين بالله لأنهم مُعارِضِون لهم!
وصاروا يرهبونهم ويؤذونهم ليكفروا، لكن الله ثبَّت هؤلاء الفتية، فصبروا.
ولما اشتد عليهم عدوان قَوْمِهم، قرَّرُوا الهِجرة من القرية للنَّجاة بِدِيْنِهم وبأنفسهم، فخرج الفِتية ومعهم كلبهم من القرية.
فلما أرهقهم السير وجدوا كهفا مهجورا، فدخلوا إليه، واستلقوا بينما جلس كلبهم على الباب يحرسهم، وهنا حدثت معجزة إلاهية:
لقد نام الفِتية في الكهف ثلاثمئة وتسع سنوات، وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين الكهف وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار، وكان الناظر إليهم يشعر بالخوف؛ لأنهم كانوا كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم أثناء نومهم، لكن كانت آثار النوم الطويل ظاهرة عليهم.
فتساءلوا: كم لبثنا؟!
وأجاب بعضهم: ربما مضى على وجودنا في الكهف يوما أو بعض يوم، ثم إنهم أخرجوا نقودا كانت معهم، وطلبوا من أحدهم أن يأخذ النقود ويذهب خلسة إلى المدينة، حتى يشتري لهم طعاما، يقتاتون ويتزودون به في رحلتهم.
وبالفعل، خرج الفتى المؤمن متوجهًا للقرية، فلما دخلها لم يجدها كما كان يعرفها!
لقد تغيرت الأماكن والوجوه، كما تغيّرت البضائع والنقود، فاستغرب الفتى المؤمن! كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة.
وأدرك أهل القرية دهشته، وظنوا من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها أنه غريب، وكان قد هلك الملك الظالم، وجاء ملك صالح، وآمن أهل القرية.
فلما عرف الناس هؤلاء الفتية، وأنهم كانوا أول المؤمنين من القرية، فرحوا بهم، ولما عرف أصحاب القرية الكرامة التي أجراها الله لهؤلاء الفتية، وأنها آية في إحياء الأموات، علموا صلاحهم، واستيقنت قلوبهم بالبعث والحِسَاب، فصار أصحاب القرية يعظمونهم، لكن لم يلبث الفتية أن ماتوا فعلا، فلما مات الفتية، تشاور المؤمِنون في وسيلة التقرب بهم إلى الله.
فقال البعض: نقيم نصبا على قبورهم.
وقال الآخرون: نبني مسجدا، واعتمد هذا القول (البداية والنهاية)